يُمثل التهاب المثانة (Cystitis) نحو 90% من التهابات المسالك البولية، وهو شائع بين النساء، فثلثهن – على الأقل – يتعرضن لالتهاب المثانة قبل بلوغ 24 سنة. يسبب التهاب المثانة أعراضًا مزعجةً، مثل: الألم والحرقة أثناء التبول، بالإضافة إلى بعض التغيرات في خصائص البول.
وقد صارت الإصابة بإلتهاب المثانة أكثر من ذي قبل، مع شيوع السلوكيات غير الصحية، المسببة لعدوى المسالك البولية، ولذا نقدم لكم في هذا المقال أهم أسباب التهاب المثانة البولية، وأعراضها، وكيفية علاجها عند الرجال والنساء مع بعض النصائح للوقاية منها.. نتمنى لكم قراءة ممتعة.
التهاب المثانة عند الرجال
يبلغ معدل الإصابة بإلتهاب المثانة بين الرجال حوالي 3% فقط، وترجع ندرة التهاب المثانة بين الرجال إلى طول قناة مجرى البول مقارنةً بالنساء، بالإضافة إلى الخصائص المضادة للبكتيريا التي يحملها سائل البروستاتا.
وجدير بالذكر أن الرجل يصير أكثر عرضة لالتهابات المسالك البولية مع التقدم في العمر، كما أن التهاب المثانة البولية عند الرجال أكثر قابلية للتفاقم والانتشار إلى الكلى والبروستاتا، إذا لم يتدارك بالعلاج باكرًا.
التهاب المثانة عند النساء
ويعتبر الأكثر شيوعًا بين النساء مقارنة بالرجال، فنحو 30% من النساء تصاب بالتهابٍ في المثانة البولية، مرةً واحدةً على الأقل، ويرجع ذلك إلى قصر قناة مجرى البول (الإحليل) لدى النساء، وقربها من منطقة الشرج؛ ما يجعل انتقال البكتيريا إلى المثانة البولية عبر الإحليل أمرًا سهلًا، خاصةً مع عدم الاعتناء بالنظافة الشخصية بشكلٍ كاف.
أعراض التهاب المثانة
لا تختلف أعراض التهاب المثانة بين الرجال والنساء كثيرًا، فبغض النظر عن الجنس، يمكن أن يشعر المريض بأيٍ مما يلي:
- عُسر البول.
- ألم وحُرقة أثناء التبول.
- تكرار الرغبة العاجِلة في التبول.
- تعكُّر البول، وتغيُّر لونه.
- احتمال ظهور دم في البول.
- رائحة نفاذة غير مألوفة للبول.
- ألم أسفل البطن (في منطقة الحوض).
- الإحساس بالتعب والضعف.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- الشعور بامتلاء المثانة.
أعراض التهاب المثانة عند الاطفال
يصاب الأطفال بإلتهاب المثانة بدرجةٍ أقل من البالغين، وتتمثل أعراض التهاب المثانة عند الأطفال فيما يلي:
- ألم وحُرقة أثناء التبول.
- الرغبة الملِحة في التبول، مع عسر البول.
- كثرة الاستيقاظ ليلًا لقضاء الحاجة.
- بول كريه الرائحة، ومتغير اللون.
- ألم الجزء السُّفلي من البطن.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- الشعور بالتعب.
- ضعف الشهيّة.
- الغثيان والقيء.
أسباب التهاب المثانة
وينقسم إلى نوعين: التهاب المثانة الحاد، والتهاب المثانة المزمِن، المعروف بإلتهاب المثانة الخِلالي، ولكل واحدٍ منهما أسباب مختلفة، نتعرف عليها فيما يلي:
أولًا: التهاب المثانة الحاد
ينتج التهاب المثانة الحاد عن تهيج بطانة المثانة بتأثير أيٍ من العوامل الآتية:
1- العدوى البكتيرية
قد تصاب المثانة بعدوًى بكتيرية تنتقِل إليها عبر قناة مجرى البول، وذلك أحد أبرز أسباب التهاب المثانة، ويجب أن تعالج العدوى مبكرًا قبل تفاقمها أو وصولها إلى الكلى، وتمثل البكتيريا الإشريكية القولونية (E. coli) حوالي 80-85% من عدوى المسالك البولية، والتي قد تنتج أيضًا عن أنواع أخرى من البكتيريا، مثل:
- المُكَورَات العنقودية المُترمِّمة.
- المُكَورَات العنقودية الذهبية.
- المُكَورَات المَعَويَّة البُرازِية.
- البكتيريا المُلبِنة.
- الكليبسيلا.
2- العلاج الكيميائي
تحمِل بعض الأدوية آثارًا جانبية مؤذية لبطانة المثانة البولية. ويتضمن ذلك أدوية العلاج الكيميائي، مثل: سيكلوفوسفاميد، وإفوسفاميد، اللذان يتخلص منهما الجِسم عبر البول، وفي أثناء ذلك قد يسبب الدواء تهيجًا والتهابًا في بطانة المثانة، ويسمى الإلتهاب عندئذٍ “التهاب المثانة النزفي”، والذي – بعد مرحلةٍ ما – يتسم بظهور الدم في البول، إذ يقسم إلى 4 مراحل:
- المرحلة الأولى: يقتصِر الأمر على النزيف المِجْهَرِي، مع بدء ظهور أعراض التهاب المثانة.
- المرحلة الثانية: يصير نزيف بطانة المثانة أكثر وضوحًا.
- المرحلة الثالثة: يحتوي النزيف على خثراتٍ (جلطات) صغيرة.
- المرحلة الرابعة: يكبر حجم الخثرات، وقد تسد مجرى البول.
3- العلاج الإشعاعي
عند استخدام العلاج الإشعاعي للقضاء على الخلايا السرطانية والأورام الناشئة في منطقة الحوض (مثل: سرطان البروستاتا، أو عنق الرحم، أو المبيض)؛ فقد يضُر ذلك بالأوعية الدموية في بطانة المثانة، ويسبب التهاب المثانة النزفي.
4- جسم غريب!
هناك عدد من الأدوات الطبية التي قد تدخل إلى المثانة، مثل: القسطرة البولية، والدعامة، والمنظار أيضًا، وفي بعض الحالات قد يسبب تواجد جسمٍ غريبٍ تهيجًا في بطانة المثانة أو نشوء عدوى بكتيرية ينتج عنها التهاب المثانة.
5- السلوكيات الخاطئة
إن التهاب المثانة قد ينشأ لدى النساء عن بعض السلوكيات الخاطئة، مثل:
- عدم الاكتراث بالنظافة الشخصية.
- ممارسة العلاقة الحميمية بمُعدل زائد عن الحد.
- الإفراط في استخدام الصابون، ومستحضرات النظافة الشخصية.
ثانيًا: التهاب المثانة المُزمِن
النوع الآخر لإلتهاب المثانة؛ هو الالتهاب المزمن المسمى أيضًا التهاب المثانة الخِلالِي (Interstitial Cystitis)، وهي حالة مرَضِية يبدو فيها المريض وكأنه مصاب بالتهاب المثانة البكتيري، إلا أنه عند إجراء الفحوصات التشخيصية؛ يتضح عدم إصابته بأي عدوى.
ما تزال حقيقة التهاب المثانة الخِلالي، وأسباب حدوثه محلّ بحثٍ ودراسة، ووفقًا للجمعية الأمريكية لجراحة المسالك البولية (AUA)، يعتقد الخبراء أن التهاب المثانة الخلالي قد ينجم عن:
- شيءٍ ما في البول يضر ببطانة المثانة البولية.
- خللٍ في أنسجة المثانة البولية، يسمح للبول بإضعاف بطانة المثانة، وربما إحداث تقرحات فيها.
- الحساسية التي يحدِثها نوع من الخلايا المناعية، تسمى الخلايا الصارية أو البدينة (Mast cells).
- نشاطٍ مناعي ذاتي تجاه أنسجة المثانة البولية، نتيجة اضطراب في الجهاز المناعي.
- العوامل الوراثية قد تساهم في إصابة أفرادٍ من نفس العائلة بالتهاب المثانة الخلالي.
عوامل خطر الإصابة بالتهاب المثانة
ترتبط بعض العوامل بزيادة فرَص الإصابة بإلتهاب المثانة، ومن ذلك:
- الحمل.
- داء السكري.
- حصوات الكلى.
- بلوغ سن اليأس.
- ضعف جهاز المناعة.
- طبيعة النشاط الجنسي.
- فيروس العَوَز المناعي البشري (HIV).
- جراحات المسالك البولية ومنطقة الحوض.
تشخيص التهاب المثانة
يتطلب تشخيص التهاب المسالك البولية إخبار الطبيب بالأعراض التي تشعر بها كافة؛ لتحديد الاختبارات التشخيصية المناسِبة، ويتوقف تشخيص التهاب المثانة على:
- تحليل البول: ينبغي أن تفحَص عيِنةٌ من البول فحصًا معمليا؛ للكشف عن أي تغيُرٍ غير طبيعي به، وتشخيص العدوى البكتيرية التي قد تكون سبب التهاب المثانة.
- تنظير المثانة: يمكن تشخيص التهاب المثانة باستخدام المنظار الطبي أيضًا (Cystoscope)، إذ يسمح للطبيب برؤية بطانة المثانة من الداخل، وأخذ عينة من نسيج المثانة – إن تطلب الأمر – لفحصِها معمليا.
- الفحوصات التصويرية: تشمل التصوير بالأشعة السينية، والأشعة المقطعية، وكذلك الموجات فوق الصوتية، ولكن يقتصر غالب استخدامها على الحالات غير المُستجيبة للعلاج الدوائي؛ لمعرفة مزيدٍ من التفاصيل عن طبيعة المشكلة.
علاج التهاب المثانة
يشفى كثير من مرضى التهابات المثانة البولية في غضون ثلاثة أيامٍ دون تدخل طبي، ولكن بعض الحالات تستدعي استشارة الطبيب، ويعتمد علاج التهاب المثانة الناتج عن العدوى البكتيرية على تناول المضادات الحيوية، التي تثبِط نشاط البكتيريا وتقضي عليها، أما الأنواع الأخرى فتطلب علاجًا خاصًّا كما سيتضح.
علاج التهاب المثانة البكتيري
تتوفر عدة مضادات حيوية فعالة في علاج البكتيريا المُسببة للالتهاب، وقد تضاف عليها أيضًا مُسكِنات الألم، مثل: فينازوبيريدين (بيريديوم)؛ لتخفيف ألم التهاب المثانة، ويحدد الطبيب الجرعة الدوائية، ومدة العلاج بناءً على حالة المريض:
- العدوى للمرة الأولى: عادةً ما تتراوح مدة تناول المضاد الحيوي ما بين 3 أيام إلى أسبوع، ويشعر المريض بتحسُّن الأعراض تدريجيًّا خلال الأيام الأولى، ويجب الالتزام بمُدة تناول الدواء كاملةً حتى وإن زالت الأعراض؛ تجنبًا لتجدد نشاط البكتيريا.
- عدوى المثانة المتكررة: عندما تتكرر عدوى المثانة لدى المريض، فإن مدة تناول المضاد الحيوي تزداد وفق تقييم الطبيب، وقد تجرى فحوصات إضافية إن لزِم الأمر.
ينبغي لك – عزيزي القارئ – أن تستشير الطبيب المُختص أولاً قبل تناول أي مضاد حيوي، فهو المسؤول عن تحديد الدواء، وجرعته، ومدة تناوله، ومن المضادات الحيوية التي أثبتت فاعلية في علاج التهاب المثانة البكتيري:
- سلفاميثوكسازول – تريميثوبريم.
- نيوترفيوراتون.
- فوسفوميسين.
علاج التهاب المثانة الخلالي
نظرًا لعدم وضوح سبب التهاب المثانة الخلالي، فإن العلاج يهدف إلى تخفيف الأعراض التي يشكو منها المريض، وهي متفاوتة بين مريضٍ وآخر، وقد يحتاج المريض إلى تجربة أكثر من خطة علاجية وصولًا إلى تخفيف الأعراض بما يسمح له بمزاولة حياته دون انزعاجٍ من أعراض التهاب المثانة، وتساهم خبرة الطبيب – ولا شك – في تشخيص وعلاج التهاب المثانة الخلالي.
وإذا لم تفلح الأدوية في علاج التهاب المثانة الخلالي، فقد يلجأ الطبيب إلى بعض الخيارات الجراحية، التي تخفف الألم.
علاج التهاب المثانة الإشعاعي والكيميائي
إن كُلا من العلاج الإشعاعي والكيميائي له دور مهم في علاج السرطان، وقد يستخدم كل واحدٍ منهما على حِدة، أو يستخدمان سويًّا، ويهدف الطبيب في علاج التهاب المثانة – الناتج عن استخدام أي منهما – إلى تخفيف ألم المثانة، إلى حين انتهاء مرحلة علاج السرطان.
علاج التهاب المثانة عند الرجال
يحتاج علاج التهاب المثانة البولية عند الرجال إلى عنايةٍ خاصّة، فمع أنّ إصابتهم بالتهاب المثانة أمرٌ نادر؛ إلا أنّه قد يكون أكثر تعقيدًا؛ لاحتمال تأثُّر الكُلى والبروستاتا بالعدوى البكتيرية، وبناءً على تقييم الطبيب لحالة المريض؛ تتحدّد الخطة العلاجيّة، والتي قد تكون:
- الحالات البسيطة من عدوى المثانة: حين لا يبدي المريض أي أعراض خطرة، فيقتصِر العلاج على المضادات الحيوية لمُدة أسبوع على الأكثر، مع المتابعة الطبية لتقييم مدى التحسن.
- الحالات المتفاقمة من عدوى المثانة: التي تكون الأعراض فيها أكثر حِدة، أو يزداد احتمال الإصابة بمضاعفات؛ فقد يحتاج المريض إلى تناول المضادات الحيوية لمدة 10-14 يوم، مع مزيدٍ من العناية الطبية؛ لتوخي أي مضاعفات محتملة.
علاج التهاب المثانة عند النساء
بعض أنواع التهاب المثانة خاصٌّ بالنساء، مثل الذي تحدثه مستحضرات التجميل والنظافة الشخصية عند فرط استخدامها. أولى خطوات علاج التهاب المثانة عند النساء؛ الامتناع عن تِلك المواد مؤقتًا، مع شرب الماء بمعدل أكبر؛ لتنقية المثانة من المادة المسببة للتهيج أو الالتهاب، ويُنصح بالحصول على استشارة طبية إن لم يتحسن الوضع.
الوقاية من التهاب المثانة
يمكنك – عزيزي القارئ – أن تجنب نفسك التهاب المثانة بالحفاظ على العادات الصحية، واتباع النصائح الآتية:
- شرب الماء بكميات كافية يوميًّا.
- قضاء الحاجة فور الشعور بامتلاء المثانة.
- ارتداء الملابس الفضفاضة والمُريحة، بدلًا من الضيّقة.
- الاهتمام بالنظافة الشخصيّة، وعدم الإفراط في استخدام مستحضرات التجميل.
- بالنسبة للنساء؛ ينبغي عدم ممارسة العلاقة الحميمية بإفراطٍ؛ لتجنّب التهاب المثانة.
- التبول بعد العلاقة الحميمية؛ للتخلص من أي بكتيريا قد تسبب عدوى المسالك البولية.
إذا كنت تُعاني أعراض التهاب المثانة البولية، أو أعراضًا شبيهة بها، فيمكنك التواصل معنا في مركز أداء؛ الذي يضم نخبة من كبار أخصائي المسالك البولية في مصر. ويقدم المركز لزائريه أعلى درجات الجودة والأمان، في ظل توفر أفضل التقنيات التشخيصية، واعتماد أحدث البروتوكولات العلاجية.
المصادر
- Cystitis | Mayo Clinic
- Cystitis | Medical News Today
- Cystitis classification | Wikidoc
- Acute cystitis | NCBI Bookshelf
- The Types of Cystitis | IC Network
- Cystitis – StatPearls | NCBI Bookshelf
- Urinary Tract Infections (UTIs) | Kids Health
- Cystitis epidemiology and demographics | Wikidoc
- Urinary tract infection (UTI) in men | Medical News Today
- Cyclophosphamide & hemorrhagic cystitis | Science Direct
- Treating Male Urinary Tract Infection – An Outpatient Database Study | PMC
- Urinary Tract Infection (UTI) in Males Treatment & Management | Medscape