ارتجاع الحالب || مرض مكتسب أم عيب خلقي؟!

يعد ارتجاع الحالب (أو ما يُعرف أيضًا باسم الجزر المثاني الحالبي) من أشهر عيوب المسالك البولية الخلقية، وفيه يتدفق البول على عكس مساره الطبيعي؛ ففي الحالات الطبيعية يتدفق البول من الكليتين ممرورًا الحالبين كي يصل إلى المثانة إلى أن يخرج من الجسم، بينما في حالة ارتجاع البول يعود البول من المثانة إلى الكليتين عبر الحالبين.

يمكن أن يصاب الإنسان وهو جنين في بطن أمه بالعيوب الخليقة للحالب، وفي بعض الحالات تصاب به في بداية مراحلهم العمرية، أيضًا قد تصيب العيوب الخلقية الجهاز البولي التناسلي فقط أو قد تمتد لتصيب بعض الاجهزة الاخرى.

لذا دعونا نتعرف سويًا عبر السطور القادمة على أسباب ارتجاع الحالب، وكيفية علاجه او التعايش معه، وأعراضه التي قد تكون مزعجة للبعض!

أنواع ارتجاع الحالب وأسبابه

هناك نوعان رئيسان للارتجاع الحالبي الخلقي، وهما:

1- ارتجاع الحالب الأولي

يصيب ارتجاع الحالب الأولي الجنين في بطن أمه، ويُلد الطفل بعيب خلقي في أحد الحالبين أو كليهما؛ إذ يكون طول الحالب قصيرًا جدًا مما يؤدي إلى غلق الصمام الذي يقع بين الحالب والمثانة فيترتب على ذلك ارتجاع البول بشكل عكسي (يصل ارتجاع البول إلى الكليتين في الحالات الشديدة).

قد يتحسن هذا النوع من تلقاء نفسه عند بلوغ الجنين عدة أشهر بعد ولادته دون الحاجة لتدخل جراحي.

2- ارتجاع الحالب الثانوي

يحدث ارتجاع الحالب الثانوي نتيجة حالة مرضية، كانسداد أي جزء من أجزاء الجهاز البولي في الحالب أو المثانة؛ مما يؤدي إلى ارتجاع البول إلى الكلى. 

يمكن أن يسبب احتباس البول في الكلى إلى فشل الكلى كليًا أو قد يسبب عدوى بكتيرية شديدة بها نتيجة وجود وسط مناسب لنمو البكتيريا.

أجرى الباحثون بعض الاحصائيات التي أثبتت ان العدوى البكتيرية التي تسبب التهاب المسالك البولية من أهم أسباب الكشف عن ارتجاع الحالب الثانوي.

أهم أعراض ارتجاع البول إلى الكلى

تختلف أعراض ارتجاع الحالب باختلاف شدة المرض؛ وذلك بناء على درجة ارتجاع البول ففي بعض الحالات البسيطة قد يحدث ارتجاع للبول لمسافة قصيرة داخل الحالب، بينما في الحالات الحرجة يصل ارتجاع البول إلى الكلى ويسبب تلفها كليًا.

وتعد أشهر أعراض الارتجاع الحالبي هي عدوى المسالك البولية وإصابة الكلى، لكن احيانًا قد لا يسبب المرض أي أعراض للاطفال او قد يكون السبب الأساسي للحمى (ارتفاع درجة الحرارة).

لذا فيما يلي يمكن تقسيم أعراض الارتجاع الحالبي إلى:

1- أعراض عدوى المسالك البولية

تتضمن:

• كثرة التبول والشعور بحاجة ملحة للذهاب إلى الحمام.
• الشعور بالألم في أثناء التبول (حرقان في التبول).
• نزول دم مع البول أحيانًا.
• تغيير لون البول؛ بسبب تعكُر البول.
• تغيُّر رائحة البول لرائحة كريهة جدًا.
• سلس البول والتبول اللاإرادي.
• ارتفاع درجة حرارة الجسم.
• الشعور بآلام حادة في أسفل البطن.

2- أعراض عدوى الكلى

هناك أعراض تظهر على المريض بعد إصابة الكلى نتيجة ارتجاع البول، منها:

• حمى.
• القئ والإسهال.
• آلام في البطن والظهر.
• الشعور بالإعياء الشديد.

3- أعراض طويلة المدى

تظهر هذه الأعراض بسبب تدهور حالة المريض وظهور مضاعفات الارتجاع الحالبي، وتشمل هذه الأعراض:

• تورم الكلى وتحولها لكتلة صلبة محسوسة.
• فقدان الوزن بشكل ملحوظ، والتأثير بالسلب على نمو الطفل.
• ارتفاع ضغط الدم.
• القئ والإسهال والخمول.
• ارتفاع نسبة البروتين في البول.
• فشل كلوي.

تشخيص ارتجاع الحالب

يمكن تشخيص الارتجاع الحالبي مرحلتين:

• أما في مرحلة ما قبل الولادة والطفل جنين: من خلال اختبار ما قبل الولادة والكشف الجنيني.
• أو بعد الولادة وعمر الطفل ما بين سنتين لثلاثة سنوات.

يبدأ تشخيص المرض بالاستعانة بمخطط يدعى إفراغ المثانة؛ إذ يفحص الطبيب المثانة باستخدام الأشعة السينية (أشعة الصبغة).

إليكم خطوات اختبار الأشعة السينية الذي يستغرق من 15 إلى 20 دقيقة:
1- يُدخل الطبيب القسطرة (أنبوب بلاستيكي رفيع) في مجرى البول.
2- يحقن صبغة الأشعة السينية من خلال الأنبوب حتى تمتلئ المثانة كاملًا.
3- يُطلب من الطفل أن يتبول.
4- من ثًّم يلتقط الطبيب صور للمثانة في أثناء عملية التبول؛ لاستكشاف رجوع الصبغة لإحدى الكليتين أو كليهما.

ملحوظة قد تسبب القسطرة عدوى بكتيرية لبعض الأطفال؛ لذلك ينصح الأطباء باستخدام المضادات الحيوية قبل اختبار الأشعة وبعده (تستخدم المضادات الحيوية تحت إشراف الطبيب).

الآثار الجانبية لاختبار الأشعة السينية:

• يعد الاختبار مؤلم للأطفال، قد يصل الأمر لحاجة الطفل لحملِه في أثناء الاختبار.
• قد يلجأ الأطباء للتخدير في أثناء الاختبار لبعض الحالات؛ ويتسبب ذلك في نتائج غير مكتملة ويستدعي الأمر لإعادة الاختبار مرةً أخرى.
• يتطلب الاختبار تناول المضادات الحيوية؛ للقضاء على العدوى الناتج حدوثها من القسطرة.

يجري الطبيب المزيد من الفحص والتصوير في حالة وجود ارتجاع الحالب؛ للتحقق من سلامة الكلى وعدم تلفها.

يصل الأمر أحيانًا إلى إجراء الموجات الفوق صوتية (السونار) للكلى والمثانة؛ للتأكد من حجم الكلى إذا ما كان طبيعيًا أم في تغيّر حجمه الطبيعي (وجود تضخم بالكلى).

درجات ارتجاع الحالب

يمكن تصنيف الارتجاع الحالبي إلى 5 درجات كما يلي:

1. الدرجة الأولى: وفيها يرتد أو يرجع البول إلى الحالب فقط.
2. الدرجة الثانية: وتتمثل في ارتداد البول إلى الحالب وحوض الكلى (منطقة التقاء الحالب مع الكلى)، دون التسبب في ورم أو انتفاخ بسبب السوائل.
3. الدرجة الثالثة: وفيها يرتد البول إلى الحالب وحوض الكلى مع حدوث تورم بسيط.
4. الدرجة الرابعة: تتسبب في تورم أعلى من الدرجة الثالثة (مرحلة متوسطة).
5. الدرجة الخامسة والأخيرة: ينتج عنها تورم شديد للحالب والتوائه.

ما هو علاج ارتجاع الحالب؟

يختلف علاج ارتجاع الحالب باختلاف نوع الارتجاع إذا كان أوليًا أم ثانويًا:

1- علاج ارتجاع الحالب الأولي

يعتمد علاج النوع الأولي على التحسن من تلقاء نفسه، بعد نضوج أنسجة المسالك البولية للطفل في أثناء نموه ويتضمن العلاج:

1- يصف الطبيب في هذه الحالة بعض أنواع المضادات الحيوية فقط؛ لمعالجة التهاب المسالك البولية المصاحبة لبعض الحالات

يؤثر استخدام المضادات الحيوية لفترات طويلة تأثيرًا سلبيًا على مناعة الطفل، ويزيد من صعوبة مكافحة مناعة الطفل لأي عدوى مستقبلًا.

أثبتت الأبحاث أن إعادة تناول المضادات الحيوية يعتمد على سن وحالة كل طفل:

1. يجب استخدام المضادات الحيوية باستمرار إذا كان عمر الطفل أقل من عام.
2. تُستخدم المضادات الحيوية بشكل مستمر كذلك في حالة عمر الطفل أكثر من عام، لكن يعاني أيضا من ضعف في المثانة.
3. أما في حالة أن يزيد عمر الطفل عن عام وغير مصحوب بضعف في المثانة، لا يوصي الطبيب باستخدام المضادات الحيوية إلا في حالة التهاب المسالك البولية.

2- تُستخدام بعض أدوية ارتفاع ضغط الدم؛ للسيطرة على تليف الكلى.

3- يلجأ الطبيب للجراحة في حالة الارتجاع الحالبي الشديدة وتلف الكلى، ويكون الحل النهائي ويجب دراسة القرار بعناية ودقة شديدة؛ للحصول على أفضل نتيجة للعملية الجراحية

هناك عدة أنواع العمليات الجراحية لعلاج ارتجاع الحالب وتتضمن:

1. الإجراء الذهبي: يعد أهم طرق الجراحة وأشهرهم، وفيه يُعاد زرع الحالب وتصحيح توجيهه بنفق طولي مناسب في جدار المثانة؛ لمنع ارتداد البول إلى الحالب. يمكن إجراء الجراحة الذهبية من خلال عمل (شق صغير في البطن، أو فتح داخل المثانة، أو فتح خارج المثانة).
2. يوجد شكل آخر للعملية الجراحية باستخدام حمض الهيالورونيك (وهو سائل يشبه الهلام في قوامه ويتكون من سكريات معقدة).
   
   تستغرق جراحة الهيالورونيك 30 دقيقة ويكون الطفل تحت تأثير التخدير، ويسمح للطفل بالعودة لمنزله في نفس يوم إجراء العملية، وتكمُن خطورته فقط في استخدام منظار المثانة.
   
   يحقن الطبيب كمية صغيرة من حمض الهيالورونيك في جدار المثانة بالقرب من فتحة الحالب، وينتج عن الحقن انتفاخ يعمل بدوره كصمام؛ لمنع ارتجاع البول من المثانة إلى الحالب.
   
   يتلاشى الانتفاخ الناتج عن الحمض بالتدريج، ويُستبدال بأنسجة الطفل الطبيعية في أثناء نموه، والاحتفاظ بطول النفق سليمًا.

ملحوظة هامة: يجب سرعة التوجه للطبيب المعالج في حالة ظهور أي أعراض جانبية للعملية الجراحية؛ لتفادي أي مضاعفات خطيرة. 

2- علاج ارتجاع الحالب الثانوي

يُعالج الطبيب ارتجاع الحالب الثانوي من حلال إزالة المسبب له، ويشمل العلاج:

• إزالة الانسداد أو تصحيح الحالب المصاب بعملية جراحية.
• استخدام المضادات الحيوية أو علاج التهاب المسالك البولية.
• قسطرة علاجية؛ لتصريف البول.
• تقوية عضلة المثانة البولية من خلال تناول الأدوية المناسبة للحالة (تحت إشراف الطبيب).

كيفية الوقاية من الإصابة بارتجاع الحالب

نأسف لعدم وجود وقاية من مرض ارتجاع الحالب المثاني، لأنه من العيوب الخلقية التي لا يمنعها نظام غذائي معين أو أدوية بعينها.

ولكن هناك خطوات بسيطة قد تساعد على تحسين الحالة الصحية للجهاز البولي لأطفالنا، وهي:

• شرب كميات كافية من الماء.
• التبول بانتظام وعدم حبس البول داخل مثانتهم الصغيرة.
• تغيير الحفاض باستمرار.
• علاج الإمساك فورًا.
• ممارسة الرياضة، والحفاظ على نظام غذائي صحي سليم ومتكامل.

حفظ الله أطفالكم من كل سوء، وأعانكم على مواجهة أمراضهم بالعادات السليمة، ووجب علينا نصيحتكم بسرعة التوجه للطبيب والتواصل مع مركز أداء الذي يضم مجموعة من الأطباء المختصة لعلاج تلك المشاكل في حالة الشك في أي أعراض ذكرناها.