عندما تلاحظ أن طفلك يعاني من حمى متكررة، وتذهب للطبيب ويجري الفحوصات ويجد أن سبب الحمى عدوى في المسالك البولية! يحول طبيب الأطفال طفلك لطبيب المسالك البولية؛ لأن من المحتمل أن يكون لديه مشاكل المثانة العصبية.
فيما يلي سرد لمشاكل المثانة العصبية عند الأطفال، أسبابها، والأعراض التي تظهر على الطفل! وكيف يمكن تشخيص تلك المشاكل عند الأطفال؟ وكيفية علاجها؟
ما مشاكل المثانة العصبية عند الأطفال؟
في البداية علينا أن نفهم كيفية عمل المثانة: تعمل أعصاب وعضلات الجهاز البولي معًا لحبس البول أو طرده في الوقت المناسب؛ وذلك من خلال انتقال الرسائل العصبية من المثانة إلى المخ، ومن المخ إلى المثانة لطرد البول أو حبسه.
أما في حالة المثانة العصبية عند الأطفال (neurogenic bladder): فلا تعمل الأعصاب بشكل طبيعي ولا ترسل المثانة الرسائل العصبية بشكل صحيح أو تستقبلها بدقة؛ فيؤدي ذلك إلى خلل في وظيفة المثانة الطبيعية مما يسبب مشاكل المثانه العصبية عند الأطفال.
يلعب التناسق العضلي العصبي بين عضلة جدار المثانة وصمام التبول الإرادي (المحيط بمجرى البول أسفل المثانة) دور مهمًا جداً في منع التبول اللاإرادي، وإفراغ المثانة تمامًا من البول والمحافظة على فسيولوجية المثانة البولية.
تشير الإحصائيات إلى أن المثانة العصبية والتي يطلق عليها كذلك اسم المثانة التشنجية تكون مصاحبة لحوالي 90% من حالات فتق الحبل الشوكي بالعمود الفقري لدى الأطفال والذي يصيب حوالي واحد من كل ألف مولود. أيضًا تكون مصاحبة لحالات كسور العمود الفقري مع إصابة الحبل الشوكي العصبي، وبعض الأمراض الأخرى التي تصيب الحبل الشوكي.
تشكل المثانة العصبية حوالي 25% من أمراض المسالك البولية لدى الأطفال المراجعين أخصائي جراحة المسالك البولية لدى الأطفال.
أسباب مشاكل المثانة العصبية عند الأطفال
يمكن أن تختلف الأسباب عند الأطفال اختلافا كبيرًا من طفل لآخر. إذ يمكن أن تحدث هذه الحالة إذا لم ينتج الجسم ما يكفي من هرمون يسمى الهرمون المانع لإدرار البول ADH، وهذه المادة الكيميائية تبطئ إنتاج البول.
يميل الجسم إلى إنتاج المزيد من الهرمون المانع لإدرار البول في الليل. إذا لم ينتج الجسم ما يكفي من هذا الهورمون؛ فقد لا يقل إنتاج البول في الليل؛ مما يؤدي إلى امتلاء المثانة، وعندها يحتاج الطفل إلى التبول.
غالبا ما تكون المشاكل عند الأطفال ناتجة عن عيب خلقي منذ الولادة؛ فهيا نستعرض أشهر أسباب مشاكل المثانة العصبية عند الأطفال:
- السنسنة المشقوقة (spina bifida): وهو عيب خلقي يحدث في النخاع الشوكي للجنين منذ أن كان في رحم أمه.
- ورم في الجهاز العصبي المركزي يؤثر على النخاع الشوكي.
- إصابة الحبل الشوكي نتيجة لحادث أو إصابة أخرى به.
- الحوادث وإصابات العمود الفقري.
- القلق النفسي.
- الحساسية: يمكن أن يؤدي تناول أو شرب أحد مسببات الحساسية عند الطفل إلى نشوء حالة المثانة العصبية لديه.
- تهيج جدار المثانة؛ فقد تستجيب المثانة لعدوى جرثومية أو فيروسية، مما يؤدي إلى ظهور أعراض مشاكل المثانه العصبية.
- الأعراض الجانبية لوجود صمام خلقي بمجرى البول في الأطفال الذكور.
أعراض مشاكل المثانة العصبية عند الأطفال
علينا معرفة الأعراض التي يعاني منها الأطفال أصحاب المثانة العصبية؛ لتجنب مضاعفاتها والإكتشاف المبكر لها لمعرفة الطريقة الصحيحة لعلاجها ومن هذه الأعراض:
- سلس البول: يحتاج الطفل إلى التبول بشكل متكرر وقد لا يستطيع التبول في الوقت المناسب. ويحدث هذا غالبًا بسبب عدم وصول الإشارات من المخ إلى العضلات التي تحتجز البول في المثانة.
- احتباس البول: يعاني الطفل من مشكلة في إخراج البول. ويحدث هذا بسبب عدم وصول الإشارات من المخ إلى المثانة والتي تخبرها بأن الوقت حان لإخراج البول؛ وقد يؤدي هذا لمشاكل كبيرة في المثانة العصبية عند الاطفال وعلاجها.
- ارتجاع البول: قد يحدث ارتجاع للبول بشكل متكرر فيجد الطفل كمية البول قليلة رغم رغبته الشديدة في التبول. قد يؤدي ذلك إلى عدوى المسالك البولية نتيجة احتباس البول.
- حصوات الكلى: نتيجة ارتجاع البول إلى المثانة بشكل متكرر قد يؤدي ذلك لفشل الكلى، وقد يؤدي أيضًا لحصوات الكلى والتي تشمل أعراضها وجود دم في البول، ارتفاع درجة الحرارة، وألم شديد.
- حصوات الحالب.
- حصوات المثانة.
كيف يمكن تشخيص مشاكل المثانة العصبية عند الأطفال؟
ينبغي زيارة الطبيب على الفور عند ظهور بعض الأعراض التي ذكرناها أو كلها الذي يشخص مشاكل المثانة العصبية عند الأطفال بعدة طرق، وهي:
- في البداية يأخذ الطبيب التاريخ المرضي للطفل والأعراض التي يعاني منها ويفحص الطفل جسديًا، وقد يطلب منك تسجيل عادات طفلك في عدد مرات الذهاب للتبول في اليوم وأي مشاكل قد تحدث له.
- فحص البول: لفحص وجود بروتين فيه للتأكد من وجود مشكلة في الكلى، أو فحص أي عدوى في المسالك البولية.
- اختبارات دم: عمل وظائف كلى لمعرفة إذا كان قد لحق بالكلى أي ضرر نتيجة مشاكل المثانة العصبية عند الاطفال.
- فحص ديناميكية التبول: تملأ المثانة بمحلول ملحي من خلال أنبوب القسطرة. يقاس حجم المثانة وضغطها من خلال ذلك الفحص، ويساعد أيضًا في إظهار كيفية عمل عضلات المثانة وقياس الاستجابة العصبية لها.
- الموجات فوق الصوتية(Ultrasound): يُستخدم لتصوير المثانة والكلى لمعرفة إذا كان هناك أي تورم في الكلى وتحديد حالة المثانة بوضوح.
ما علاج المثانة العصبية عند الأطفال؟
إن طريقة العلاج المثلى لدى الغالبية من الأطفال المصابين هي: تعليم أحد الوالدين عمل قساطر بولية نظيفة متكررة نحو (4ـ 5) مرات يومياً؛ لإفراغ المثانة البولية تماماً وبانتظام باستخدام أدوية تساعد على تقليل ضغط المثانة (anticholinergics).
وقد أثبتت هذه الطريقة العلاجية نجاحاً باهراً منذ بداية السبعينات الميلادية في تكبير حجم المثانة البولية (وبالتالي تفادي عمليات تكبير المثانة وما قد يصاحبها من مضاعفات قصيرة وطويلة المدى)، وتمنع التهابات البول، وتبقي الطفل دون حاجة للتبول بين كل قسطرة وأخرى.
كذلك تمنع وتساهم في شفاء الغالبية العظمى ممن لديهم ارتجاع في البول من المثانة إلى الكلى (نسبة الارتجاع حوالي من 3ـ 5% عن الولادة، وترتفع هذه النسبة إلى حوالي 40ـ 50% في عمر خمس سنوات إذا لم يُعالج الطفل).
لكن قد لا تجدي هذه الطريقة أو تتسبب في نقل البكتيريا إذا لم تُتخذ إجراءات تعقيم ونظافة معينة تحت إشراف الطبيب؛ فيلجأ الطبيب إلى طرق أخرى: وهى:
1- القسطرة:
وهي أنبوب رفيع يثبته الطبيب في مجرى البول للطفل لإفراغ المثانة في أوقات منتظمة من اليوم. يمكن تركيبها عدة مرات في اليوم، أو بشكل دائم وتسمى القسطرة الساكنة.
2- العلاج بالأدوية:
تساعد بعض الأدوية على استرخاء عضلة المثانة ومنع تقلصاتها، وتهدئة فرط نشاطها، مثل: مضادات الكولين (anticholinergic).
يأخذ الطفل مضادًا حيويًا أيضًا لمنع أي عدوى في المسالك البولية؛ نتيجة استخدام القسطرة المتكرر.
3- التعديل العصبى العجزي ( sacral neuromodulation):
من الأساليب الجديدة نسبيًا في علاج المثانة العصبية، فيها يُدخل الطبيب أقطابًا كهربية صغيرة بالقرب من الأعصاب المسئولة عن توصيل الرسائل من المخ للمثانة والعكس، تحفز تلك الأقطاب الأعصاب للعمل بشكل طبيعي.
4- العلاج بالجراحة قد يلجأ الطبيب في مشاكل المثانة العصبية عند الاطفال وعلاجها للجراحة، مثل:
- جراحة تكبير المثانه: من الجراحات الآمنة والتي تساعد على الحماية من أضرار المثانة العصبية عند الأطفال، مثل: مشاكل الكلى. تفيد تلك الجراحة الأطفال في زيادة سعة المثانة عندما تكون المثانة صغيرة جدًا والطفل لا يستجيب للعلاج.
- جراحة شد العضلة العاصرة في المثانة للتحكم في البول.
كيفية الوقاية من مشاكل المثانة العصبية عند الأطفال
نظرًا لأن أحد أشهر أسباب الإصابة بـالمثانة العصبية عند الاطفال هي السنسنة المشقوقة (spina bifida): يمكن الوقاية منها بنسبة كبيرة من خلال تناول المرأة التي تخطط للحمل جرعة يومية 400 ميكروجرام من حمض الفوليك، ويجب عليها أن تتناولها أيضًا في أثناء الحمل.
أفضل الطرق لتفادي مضاعفات المثانه العصبية عند الأطفال هي: متابعة المواليد الذين يعانون من فتق الحبل الشوكي النخاعي من قبل متخصصين في جراحة المخ والأعصاب والعظام والمسالك البولية للأطفال.
الحفاظ على نفسية الطفل وعدم تعرضه للعنف الأسرى؛ إذ إن القلق والخوف والاضطرابات النفسية عامل من عوامل الإصابة بمشاكل المثانة العصبية عند الأطفال.
اتباع عادات صحية فى النظام الغذائى؛ وذلك لتجنب تكون الحصوات فى الكلى أو الحالب أو المثانة.
وهنا عزيزي القارئ نصل لختام مقالتنا اليوم؛ وأجبنا على جميع التساؤلات التي تقلقك خوفًا على صحة طفلك وأوضحنا طرق الوقاية؛ لتجنب حدوث أى مشكلة لصحته. فإذا لاحظت أن طفلك يعاني من مشاكل في التبول، أو يصاب بالتهابات متكررة في المسالك البولية، أو يصاب بحمى متكررة بدون سبب واضح فمن المحتمل أن يكون لديه مشاكل المثانة العصبية فعليك التوجه للطبيب على الفور. يمكنك التواصل مع مركز أداء الذي يضم مجموعة من الأطباء المتخصصة لعلاج مشاكل المثانة العصبية بأحدث الاساليب العلاجية.